لم اكن جاوزت الثلاثين حين انجبت زوجتي اول ابنائي .......بقيت تلك الليلة مع الشلة في سهرة مليئة
بالغيبة والنميمة .........كنت انا اتولى اضحاكهم ......لم يسلم مني احد حتى اصحابي .......اصبح بعد
الناس يتجنبونني كي يسلمو من لساني ..........اذكر تلك الليلة اني سخرت من اعمى في السوق
بل انني وضعت قدمي امامه فتعثر وسقط يتلفت براسه لا يدري ما يقول ........وانطلقت ضحكتي مدوية في
السوق ...........
عدت متاخرا كالعادة .........وجدت زوجتي في حالة يرثى لها .......قالت والعبرة تدافعها :راشد ...........
انا متعبة جدا يبدو ان موعد ولادتي قد اقترب .......حملتها الى المستشفى .........انتظرت قليلا ثم عدت ا
الى البيت ......بعد ساعة اتصلوا بي يبشرونني بمولد ابني سالم .......قدمت مسرعا ولكن منعوني من
الدخول حتى ارى الطبيبة .......دخلت عليها فبدات تحدثني عن القضاء والقدر وعن المصائب .......
ثم اخبرتني ان ابني سالم به تشوه في عينيه ويبدو انه فاقد البصر .......خفضت راسي وانا ادافع عبراتي
تذكرت ذلك المتسول الاعمى الذي دفعته في السوق ........سبحان الله كما تدين تدان .....زوجتي كانت
مؤمنة بقضاء الله ......خرجنا من المستشفى ........ومر الايام وانا متجاهل وجود سالم ......كبر سالم
ووبدا يحبو فظهر انه اعرج ......لم اكن اكرهه ولكتي لم استطع ان احبه ........ومرت السنوات وانجبت
زوجتي خالد وعمر ........كبر سالم وكبر همه معه وانا ما زلت طائشا.............
في يوم الجمعة ....استيقظت متاخرا. .....عندما مررت بصالة استوقفني منظر سالم وهو يبكي بحرارة .....
لم استطع ان اتجاهله بالرغم من انها المر ةالاولى التي انتبه فيها لسالم منذ كان طفلا ........سالته عن سبب
بكائه ........فرفض الاجابة ........تلطفت معه .....فبدا يتكلم وبدات انتفض عندما سمعت كلامه .............
اتعلم لماذا يبكي .........ان عمر قد تاخر عن اخذه للمسجد واليوم الجمعة ويخشى ان لا يجد له مكانا في الصف
الاول ..... ...نظرت الى دموعه تخرج من عينيه المكفوفتين .......لم احتمل........قلت له لا تحزن ..........
هل تعلم من سيذهب بك الى المسجد .......قال اكيد عمر لكنه يتاخر دائما .....قلت لا ولكن انا ساذهب معك ..
استغرب ثم بكى ....اخذته بيده وانطلقنا نحو المسجد
صليت بجانبه في الصف الاول...طلب مني بعد الصلاة ان احضرله مصحف افتحه على سورة الكهف .... كدت
اتجاهل طلبه ولكني اجبته تطيبيا لخاطره ....ولكنه بدأ يقرا بسورة الكهف.........ياالله انه يحفظها
كاملة...........
خجلت من نفسي .....قرات من القران ....دعوت الله ان يغفر لي........لم احتمل بكيت تحول البكاء الي
نشيج بيده الصغيرة مسح سالم دموعي .
ضممته .........حقا كنت انا الاعمى حين اانسقت وراء رفاق السوء فرحت زوجتي لما عدنا وعلمت
بخبري.....
بعدها اصبح لي رفقة صالحة تغيرت حياتنا نحو الافضل .........
اصبحت الابتسامة لاتغادر وجه سالم وكانه حاز الدنيا وما فيها
المشهد الاخير:
قررت السفر مع اصحابي
للدعوة الى الله بعد ان استشرت واستخرت وشجعتني زوجتي ودعته سالم فضمني
بيده الصغيرتيين ..... تغيبت ثلاثة اشهر ونصف... اشتاق لسالم كثيرا لم اسمع صوته منذ سافرت فهو اما
في المسجد او في مدرسته الخاصة..... كنت اطلب من زوجتي ان تسلم عليه فتضحك فرحا الا المرة
الاخيرة
فلم
اسمع منها الا قول ان شاء الله بصوت جاف ..... عدت الى المنزل وودت لو انا سالم يفتح لي الباب ....
لكنه كان خالدا الذي لم يتجاوز الرابعة دخلت شعر بضيق فاستعذت بالله من الشيطان .... سألت زوجتي
عن سالم
سكتت وسقطت منها دمعات حارة ....ساعتها لم اسمع الا صوت خالد بابا سالم راح الجنة عند الله .....
لم تحتمل زوجتي كادت تسقط من شدة البكاء خرجت من الغرفة .... علم بعدها ان سالم اصيب بحمى
قبل
عودتي باسبوعين لم تنزع عنه حتى فارقت روحه جسده
